أصحاب الإمام المهدي عليه السلام
1- أصحابه الخاصون في غيبته
عمل الإمام المهدي عليه السلام في غيبته
في الكافي:1/340 ، عن الإمام الصادق عليه السلام قال: لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة ولابد له في غيبته من عزلة ، ونعم المنزل طيبة ، وما بثلاثين من وحشة). والنعماني/188، وتقريب المعارف/190 وغيرهما . ونحوه في غيبة الطوسي/102 ، عن الإمام الباقر عليه السلام ، وفيه: ولابد في عزلته من قوة) . وعنه البحار:52/153
وفي النعماني/171 ، عن المفضل بن عمر الجعفي ، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: إن لصاحب هذا الأمر غيبتين ، إحداهما تطول حتى يقول بعضهم مات وبعضهم يقول قتل وبعضهم يقول ذهب فلا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير، لا يطلع على موضعه أحد من وليٍّ ولا غيره إلا المولى الذي يلي أمره . قال النعماني: ولو لم يكن يروى في الغيبة إلا هذا لكان فيه كفاية لمن تأمله). ومثله عقد الدرر/134 ، ومنتخب الأنوار/81 ، وغيبة الطوسي/102، وفي/41 ، عن كتاب علي بن محمد الموسوي ..الخ.
أقول: معنى الغيبة التامة للإمام المهدي عليه السلام أن الناس حُرموا من نعمة رؤيته وحضوره بينهم ، حتى يأذن له الله تعالى بالظهور فيبدأ مهمته التي ادُّخر لها .
ومعناها أيضاً: أن الله تعالى كلفه بمهمة من نوع آخر ، ومعه أعوانه وهم أصحابه الخاصون الذين يلتقي بهم ومن أصحابه الخضر ، وربما إلياس عليهما السلام .
ويدل قول الإمام الباقر عليه السلام : ولا بد له في غيبته من عزلة ، ولابد في عزلته من قوة). (الغيبة للطوسي/102) على أنها ببرنامج وأعوان ، لا مجرد اختفاء كما يتصوره الجاهلون !
وإذا أردنا أن نأخذ صورة عن عمله في غيبته عليه السلام فلنقرأ آيات رحلة نبي الله موسى مع الخضر عليهما السلام ، وما رآه من عجائب عمله في يومين أو ثلاثة .
أصحاب المهمات الخاصة مع الإمام المهدي عليه السلام
معنى قوله الإمام الباقر عليه السلام : (وما بثلاثين من وحشة): أن الإمام المهدي عليه السلام يكون له في غيبته ثلاثون شخصاً يلتقي بهم على الأقل ، وهؤلاء هم الأبدال ، لأنهم لا يمد في عمرهم كالمهدي والخضر عليهما السلام بل يعيش واحدهم عمره الطبيعي وبعد موته يستبدل به غيره ولذا سموا الأبدال . أما كيف يتم اختيارهم واختيار البديل عمن يتوفى منهم فإن الإمام عليه السلام مهديٌّ من ربه في كل أموره ومنها اختيار أصحابه ، حسب القواعد التي علمه الله إياها .
وقد نقل الثقاة قصة أحد الأبرار أبلغوه أن الله اختاره ليكون من الأبدال ، وواعدوه عند حلول ظهر اليوم الفلاني ليأخذوه ، فتفرغ أحدهم لمراقبته كيف يأخذونه ، ولما حان الموعد افتقده من أمامه وهو ينظر اليه !
وهؤلاء الثلاثون يأخذون من الإمام المهدي عليه السلام توجيهاته وأوامره ، ويظهر أن الله تعالى يمنح الواحد منهم قدرات منها قدرته على الحركة في أنحاء الأرض ، وقد يكون لكل منهم أعوان أو جهاز !
وقد أخذ هذه الحقيقة المتصوفة فصاغوها بتصوراتهم ، ومن ذلك ما ذكره المجلسي عن الكفعمي ، قال في بحار الأنوار:53/301: (قال الشيخ الكفعمي رحمه الله في هامش جنته عند ذكر دعاء أم داود: (قيل إن الأرض لا تخلو من القطب وأربعة أوتاد وأربعين أبدالاً وسبعين نجيباً وثلاثمائة وستين صالحاً ، فالقطب هو المهدي عليه السلام ، ولا يكون الأوتاد أقل من أربعة لأن الدنيا كالخيمة والمهدي كالعمود وتلك الأربعة أطنابها ، وقد يكون الأوتاد أكثر من أربعة ، والأبدال أكثر من أربعين ، والنجباء أكثر من سبعين والصلحاء أكثر من ثلاث مائة وستين والظاهر أن الخضر وإلياس ، من الأوتاد فهما ملاصقان لدائرة القطب . وأما صفة الأوتاد ، فهم قوم لا يغفلون عن ربهم طرفة عين ، ولايجمعون من الدنيا إلا البلاغ ، ولا تصدر منهم هفوات الشر ولا يشترط فيهم العصمة من السهو والنسيان ، بل من فعل القبيح ، ويشترط ذلك في القطب .
وأما الأبدال فدون هؤلاء في المراقبة ، وقد تصدر منهم الغفلة فيتداركونها بالتذكر ، ولا يتعمدون ذنبا . وأما النجباء فهم دون الأبدال . وأما الصلحاء ، فهم المتقون الموفون بالعدالة ، وقد يصدر منهم الذنب فيتداركونه بالاستغفار والندم قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ. (الأعراف:201) جعلنا الله من القسم الأخير لأنا لسنا من الأقسام الأول ، لكن ندين الله بحبهم وولايتهم ومن أحب قوماً حشر معهم . وقيل: إذا نقص أحد من الأوتاد الأربعة وضع بدله من الأربعين وإذا نقص أحد من الأربعين وضع بدله من السبعين ، وإذا نقص أحد من السبعين ، وضع بدله من الثلاثمائة وستين ، وإذا نقص أحد من الثلاثمائة وستين ، وضع بدله من سائر الناس ). انتهى.
أقول: إن كل تصوراتنا عن هذا الجهاز من جنود الله تعالى وقدراتهم وأعمالهم تبقى ناقصة حتى يظهر الإمام عليهالسلام فيكشفها . ففي كمال الدين:2/481، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد عليه السلام يقول: إن لصاحب هذا الأمر غيبة لابد منها ، يرتاب فيها كل مبطل ، فقلت: ولم جعلت فداك؟ قال: لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم ؟ قلت: فما وجه الحكمة في غيبته ؟ قال: وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره ، إن وجه الحكمة في ذلك لاينكشف إلا بعد ظهوره كما لم ينكشف وجه الحكمة فيما أتاه الخضر عليه السلام من خرق السفينة ، وقتل الغلام ، وإقامة الجدار لموسى عليه السلام إلى وقت افتراقهما . يا ابن الفضل: إن هذا الأمر أمرٌ من أمر الله تعالى وسرٌّ من سر الله وغيبٌ من غيب الله ، ومتى علمنا أنه عز وجل حكيم صدقنا بأن أفعاله كلها حكمة وإن كان وجهها غير منكشف). ومثله علل الشرائع:1/245 ، والإحتجاج:2/376 ، والصراط المستقيم:2/237 ، ومنتخب الأنوار/81 ، وإثبات الهداة:3/488 ، والبحار:52/91 ، والخرائج:2/956 ، وفيه: صاحب هذا الأمر تغيب ولادته عن هذا الخلق لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج فيصلح الله أمره في ليلة ، قيل له: فما وجه الحكمة في غيبته؟ قال: إلى قوله: افتراقهما ).
وفي الخرائج:2/930 ، عن الإمام الباقر عليه السلام : (إن ذا القرنين كان عبداً صالحاً ناصح الله سبحانه فناصحه وسخر له السحاب وطويت له الأرض ، وبسط له في النور فكان يبصر بالليل كما يبصر بالنهار ، وإن أئمة الحق كلهم قد سخر الله تعالى لهم السحاب وكان يحملهم إلى المشرق والمغرب لمصالح المسلمين ولإصلاح ذات البين ، وعلى هذا حال المهدي عليه السلام ولذلك يسمى: صاحب المرأى والمسمع، فله نور يرى به الأشياء من بعيد كما يرى من قريب ، ويسمع من بعيد كما يسمع من قريب ، وإنه يسيح في الدنيا كلها على السحاب مرة وعلى الريح أخرى ، وتطوى له الأرض مرة ، فيدفع البلايا عن العباد والبلاد شرقاً وغرباً ).