تيوليب •° نائبه المدير °•
عدد مساهماتى |♥ : 4846 تاريخ ميلادى |♥ : 27/11/1965 تاريخ تسجيلى |♥ : 09/01/2011 موقعى |♥ : www.elfagr.ahlamontada.net/
| موضوع: سحابة خاصة تسقي حديقته دون غيره الإثنين مايو 02, 2011 3:41 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته اسقي حديقة فــــــــــلان
أحبتي في الله! لو تأملنا في الناس لرأينا كم فيهم من فقراء ليسوا بأقل ذكاء من الأغنياء، وبؤساء ليسوا بأقل علما بأمور الحياة من السعداء، غير أن ظروفا أحاطت بهم ــ حكمة من الله تعالى ــ فعاشوا تحت وطأة البؤس والحرمان، ورزحوا تحت هموم العوز والحاجة، وطحنوا بأظلاف الفقر والفاقة. ولو تأملنا أيضا لعلمنا أن الله تبارك وتعالى هو الذي أفقر هؤلاء بحكمته، كما أنه جل وعلا هو الذي أغنى غيرهم برحمته وإحسانه وفضله. قال جل وعلا: (وأنه هو أغنى وأقنى)[النجم/48] بمعنى أنه هو الله تعالى الذي أغنى وأفقر، أغنى بعض عباده، وأفقر آخرين منهم، وهو الحكيم العليم. وهو الله جل وعلا الذي قد يغني مؤمنا ويفقر كافرا، أو يفقر مؤمنا ويغني كافرا، سبحانه جل وعلا: (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون)[الأنبياء/23] .
أخي السعيد! أدام الله هناءك وسعادتك! إن جلوسك ساعة في بيتك أو قصرك، مع أهلك وأولادك في هناء وسعادة، ـ أدام الله هناءك وسعادتك طول المدىــ ينبغي أن يبعث فيك تفقد أصناف من البؤساء، وألوان من التعساء. فيهم: فقراء لا مورد لهم، ونسوة لا عائل لهن، وأيتام لا آباء لهم، ومشردون لا أوطان لهم. أناس ثقلت عليهم أعباء الحياة بطغيانها المادي، وتوالت عليهم نوائب الدهر، واشتد عليهم شظف العيش. تراكم كل ذلك على ظهورهم الضعيفة، وناءت به كواهلهم المجهدة. فترى خزائنهم مليئة .. ولكن بالحزن، وأرصدتهم عالية .. ولكن بالديون، ونفوسهم شبعى .. ولكن بالأسى والحرمان. تراهم .. وآل بهم الحال إلى أن تساقطوا في طريق الحياة، فأصبحوا عرضة لذئاب الرذيلة، وأرضا موحشة لسباع الفسوق، وتربة خصبة لجراثيم الأمراض ومصائب الجهل. وأصبحوا محاصرين داخل مثلث رأسه الفقر، وقاعدته الجهل والمرض. أو ضغطهم الفقر بكماشته الحديدية، فحاصرهم بين فكي الجهل والمرض. من ذا الذي يسمع هذه الأنباء فلا يذوب قلبه حزنا؟؟ ولا تذهب نفسه حسرات؟؟
أحبتي في الله! أدام الله عليكم نعمه، ورزقكم شكرها، والمزيد منها، اعلموا أن سنة الله جل وعلا، دلت على أن المسلم الرحيم، والمؤمن الشفوق، والمحسن المواسي يعيش حياة كريمة طيبة، ويحيا في دنياه حياة سعيدة . نعم، دل على ذلك قول السيدة الجليلة أمكم وأمي وأم المؤمنين جميعا، خديجة رضي الله تعالى عنها، قالت لحبيبها السيد الجليل محمد صلى الله عليه وسلم: "كلا والله لن يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق" [متفق عليه]. تحمل الكلّ: تحمل الضعيف المتعب، وكلّ السيف: لم يقطع فهو كليل. وكل فلان: تعب وأجهد. وتكسب المعدوم: تعطي المال من لا مال له، فهو معدوم أو معدم. وتقري الضيف: تضيفه وتكرمه، والقرى هو ما يعد لإكرام الضيف. وتعين على نوائب الحق: النوائب: جمع نائبة وهو ما ينزل بالرجل من الكوارث والحوادث المؤلمة. فكان صلى الله عليه وسلم لا يرى أحدا قد نابته نائبة إلا أعانه على ما نابه مما يؤذيه ويحزنه. ويحضرني الآن ذلك الأثر الذي يشهد لما صح مما ذكرناه من حديث أمنا خديجة رضي الله عنها. كان صلى الله عليه وسلم يوما سائرا في طريق فرأى عجوزا جالسة على قارعة الطريق وأمامها حمل ثقيل من متاعها تريد أن تحمله ولا تستطيع حمله، فلما رأته قالت له يا بني احمل علي هذا، وهي لا تعرفه. فجس رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الحمل فوجده ثقيلا جدا لا يستطيع الرجل الشديد حمله، فقال لها: لا أحمله عليك بل أحمله عنك . وحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الحمل الثقيل وقال لها امضي أمامي حتى تعلميني طريق بيتك، وحمل صلى الله عليه وسلم وسار، الحمل ثقيل، والمكان بعيد، والعجوز بطيئة المشي، وهو صابر صلى الله عليه وسلم على حمله. فلما وصلت إلى بيتها، وضع لها حملها فقالت: يا ولدي ليس معي من الدراهم لأجزيك أجر ما حملت لي، فقال: لا عليك. ثم أرادت أن تهديه نصيحة ينتفع بها، فقالت: ليس معي ما أكافئك به ولكن أسديك نصيحة، فقال لها: هات ما عندك، قالت إذا سمعت بهذا الذي يدعى محمدا فلا تؤمن به ولا تتبعه فإنه صابيء. فقال لها: وإن كنت أنا محمد؟؟ فقالت: أنت محمد؟ أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك يا محمد رسول الله. فهذا مثال واحد مما كان يفعله صلى الله عليه وسلم من الإعانة للضعفة والمعدمين.
أحبتي في الله! أدام الله عليكم نعمه، ورزقكم شكرها، والمزيد منها، ينبغي علينا أن نتبع سنة ذاك النبراس المضيء، والسراج المنير حبيبنا محمد صلوات الله وسلامه عليه، ولعلنا نذكر ونذكر بما وجهنا إليه صلى الله عليه وسلم من تفقد الفقراء والمساكين، والشعور بأحوالهم، وإعانتهم بما تجود به نفوسنا مما له وقع طيب ومبارك، وما يكون سببا لسعادة المجتمع وهنائه، وحصول الألفة والترابط واللحمة بين أفراده أغنياء وفقراء، ومد يد العون بالمواساة والصدقة. فإن الصدقة من مادة الصدق، فالصدقة دليل وبرهان على صدق إيمان صاحبها، ولذلك سميت صدقة، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الصدقة برهان على صدق إيمان صاحبها فقال صلى الله عليه وسلم: "الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها"[مسلم]. والشاهد في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: "والصدقة برهان" والبرهان هو الشعاع الذي يلي وجه الشمس، و سميت الصدقة برهانا؛ لأنها برهان واضح وجلي على صحة الإيمان من العبد، ومن بذل ماله بذل نفسه في سبيل الله تعالى. فالصدقة أعظم دليل على صدق الإيمان. ذلك لأن المنافق قد يصلي وتسهل عليه الصلاة لأنه لا إنفاق فيها، ولكن لا تسهل عليه الصدقة غالبا.
أحبتي في الله! أدام الله عليكم نعمه، ورزقكم شكرها، والمزيد منها، إن طبع الإنسان وجبلته ألا يخرج جزءا من ماله إلا بعوض، فأنت لا تخرج مالك إلا ثمنا لما تحتاجه، ولا يوجد عاقل يقتطع جزءا من ماله هكذا للغير دون مقابل. فهو يقول: لماذا أخرج هذا المال لغيري؟ وما الدافع لإخراجه، وهذا حال أهل الدنيا، لا يخرج شيئا من ماله كهدية إلا من أجل أنه ينوي أن يأخذ ما هو أكثر وأفضل منها. نرى ونسمع كثيرات من هذه الأحوال والأمور، فهذا مقاول مثلا يقيم مبنى حكوميا أو لشركة أو لمؤسسة، ولا تستلمه منه الشركة إلا عن طريق مهندس خبير يقرر أن المبنى قد استكمل جميع احتياجاته بدون نقص، فيأتي هذا المقاول للمهندس المستلم ويهديه سيارة جديدة، لماذا؟ لكي يتغافل ذلك المهندس عن نواقص ذلك البناء، فيعطيه السيارة هدية بمائة ألف من أجل أن يحصد من ورائها مليونين أو ثلاثة، هذا مثال من الأمثلة، أما المؤمن المتصدق فإنه يهب ماله لأنه يعلم أنه إنما يعطيه لله جل وعلا، ويقرضه ربه تبارك وتعالى، هو لا يأخذ العوض والمقابل ممن أعطاه، ولكن عوضه وجزاءه من الله جل وعلا، فهذا دليل صدق إيمانه بالله جل وعلا الذي يكافئه على الحسنة بعشر أمثالها. قال الله جل وعلا: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها)[الأنعام/160] إلى سبعمائة ضعف، قال جل وعلا: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261))[البقرة] فالمؤمن إنما يعطي لله، وهو في الحقيقة يقرض الله، قال تعالى: (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا)[البقرة/245] كما أن المؤمن المتصدق يعلم يقينا أنه عندما يضع صدقته في يد الفقير، فإنها تقع أول ما تقع في يد الله جل جلاله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أحد يتصدق بصدقة، إلا أول ما تقع في كف الرحمن، فينميها له كما ينمي أحدكم فلوه، حتى تكون كجبل أحد"[]. فِلـْوَهُ أو فـُـلـُـوَّهُ: المهر، ولد الخيل الذي إذا بلغ سنة أو فطم. ولذلك كانت أمنا عائشة رضي الله عنها إذا أرادت أن تتصدق تمسك الدرهم وتعطره بالعطر والطيب، قالت: "لأنه يقع في كف الرحمن" جل جلاله. ومن هنا ينبغي على المؤمن المتصدق ألا يرائي بصدقته، لأن الرياء يحبط العمل والعياذ بالله ويفسده. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا ...)[البقرة/264]. الصفوان: الحجر الأملس، أو الصخرة الملساء، الوابل: المطر الشديد، فتركه صلدا: أي ترك الصفوان خاليا من ذلك التراب وضاع التراب وتلاشى. ثم يقول جل وعلا: (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآَتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ ...)[البقرة/265]، جنة بربوة: حديقة غناء، أزهرت وأينعت، تقع بربوة مرتفعة عن الأرض لتنعم بطيب الهواء ونقاء الجو، أصابها وابل: أي نزل عليها المطر المبارك فأثمرت ثمارها ضعفين، الله أكبر، وهذا يذكرنا بذلك المؤمن الذي أتت السحابة خصيصا من السماء لتسقي حديقته هو وحده دون غيره. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينما رجل يمشي في فلاة من الأرض إذ سمع صوتا في السحاب يقول: اسقي حديقة فلان، فمشى في ظل السحابة حتى أتت على أرض حرة فأمطرت، فتجمع الماء وجرى في شَرَجة [شرج الوادي: منفسحه، جزء منفسح من الوادي] حتى انصب على مزرعة وجد فيها رجلا يحول الماء بمسحاته، فسلم عليه باسمه، فقال له: وما أعلمك باسمي وأنت لست من أهل هذه الأرض؟ فأخبره بما سمع، وسأله ما يصنع فيها؟ فقال: أقسم حصادها أثلاثا، فثلث لي ولأولادي [أي نأكله ونطعم منه]، وثلث أتصدق به، وثلث أعيده فيها [أي لزرعها مرة أخرى] فقال له: نعم، بهذا سقاك الله"[مسلم] .
أحبتي في الله! أدام الله عليكم نعمه، ورزقكم شكرها، والمزيد منها، ونفعني الله وإياكم بالقرآن الحكيم، وبهدي نبينا الكريم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذ1نب وخطيئة، فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
| |
|