نهر من الحب بركانٌ من الغضبِ
كيف التقى الماء فى شطيك باللهبِ
منذ امتطيت جواد الشعر منطلقا
نحو السحاب رأينا الشعر كالشهبِ
كيف التقى البحر والبركان فى قلمٍ
وكيف صارت خيوط العشب من ذهبِ
خمسون عاماً وأنت النجم فى زمنٍ
بين السفوح أضاع الجد باللعبِ
خمسون عاماً نشرت الحب فى وطنٍ
ألقى المحبين أشلاءً بلا سببِ
حاربت بالشعر كهانا محنطةً
فوق الشواهد تاريخ من الكذبِ
فى جنه الخلد انت الان ترقبنا
ماذا يقول الألى من ساده العربِ
ماذا يقول صلاح الدين عن وطنٍ
فى سكرةِ العجز باع السيف بالخطبِ
القدس فى الأسر تبكى الآن فى ألمٍ
ودمعها صرخه حيرى بصدر نَبى
هذه البلاد التى ما عدت تعرفها
صارت نخيلا بلا ظل ولا رطبِ
جرداء كالصخر تمشى فى شوارعها
جحافل اليأس بين العقم والجدبِ
منذ ارتحلت تركت الارض خاويةً
فقد تخفى الردى فى كرمةِ العنبِ
* * *
هذا الغريب الذى يغفو على كفن
من الجليد أمام الشعر والطربِ
هذا الغريب الذى يمضى بلا صخبٍ
كم أشعل الكون بالنيران والصخبِ
منفى غريب ... وقلب حائر ... ويد
مشلوله الحلم ... فى سجن من الغضبِ
تبكى القلوب التى اهديتها زمناً
من الجمال بسحر الشعر والأدبِ
تبكى الحروف التى سطرتها نغما
كانت ترف على عينيك كالهدبِ
نسيم لبنان هل تدرى بما حملت
دموع بلقيس من حزن ومن عتبِ
ياسمينةُ الحى صاحت عندما لمحت
مواكب الناس من باك ومنتحبِ
مالت على الارض فى حزن وقد تركت
ثيابها البيض للانداء والسحبِ
كانت تصلى على جثمان عاشقها
كأنها طفلة ماتت بحضن أبِ
قد عدت للشام ... يا للشام كم حملت
مواكب النور من صيدا الى حلبِ
يا دره الشام ... يا اغلى قلائدها
أبيات شعرك تيجان من الذهبِ
إن ساءلوا الناس يوما عن مراتبهم
فدولةُ الشعر فوق التاج والرتبِ
نحن السلاطين... كل الكون دولتنا
ونحن بالشعر فوق الجاه والنسبِ
نحن السلاطين ... شاء البعض ام غضبوا
فكل ما عندهم كوخ من الحطبِ
لم تخش فى الحق كهانا بضاعتهم
سيف مريض وتيجان من الخشبِ
هذى السهام كصمت القبر أسمعها
يخشون بأسك رغم الموت ... وا عَجَبِى
ما كنت يوم تخاف البطش من صنم
ولا جباناً تخفى فى حمى ذنبِ
حسادك الآن كالجرذان قد خرجوا
حتى مع الموت لم تسلم من التعبِ
* * *
نلقاك كالفجر يوما كلما صدحت
نوارس البعد فى آنات مغتربِ
نلقاك وجها حبيبا لن يفارقنا
مهما نأى صوته... او غاب فى الحجبِ
يأتى زمان به ناياً .. وأغنيةً
وطفلةٌ حلوى ... تلهو مع اللعبِ
يأتى زمان لحواء التى جعلت
ضميرها الحى فوق الأصل والحسبِ
يأتي زمان بلا زيف ... ولا دجل
ولا وجوه غطت بالقهر ... والكذبِ
يأتى زمان نرى فى القدس رايتنا
مرفوعةَ الرأس فى الآفاق كالشهبِ
* * *
نامت جراحك فوق الرمل وارتفعت
أنشوده الحب فوق الهم والنصبِ
بعض الخيول يرى فى المجد غايته
والمجد بالموت غير الموت بالهربِ
فى قبرك الآن تشدو ألف لؤلؤةٍ
وعين ماء وأسرابٌ من السحبِ
فى قبرك الآن قنديل وسوسنةً
ونجمةً سافرت فى ريشها الذهبى
تخبو وجوه الورى إِن ضمهم كفن
ووجهك الغض فى الأعماق لم يغبِ
تأتى مع الصبح يوما كلما انطلقت
خيولنا الحرة ... من سجنها العربىِ
فلا سلام لهذى الارض إن ركعت
ولا أمان لنا ... فى ظل مغتصبِ
***********