عدد مساهماتى |♥ : 4846تاريخ ميلادى |♥ : 27/11/1965 تاريخ تسجيلى |♥ : 09/01/2011موقعى |♥ : www.elfagr.ahlamontada.net/
موضوع: الهم والحزن والعجز والكسل الإثنين مايو 02, 2011 4:49 am
هؤلاء الكلمات الأربع كان كثيراً ما يستعيذ منهن النبي –صلى الله عليه وسلم- كما يخبرنا بذلك خادمه أنس بن مالك -رضي الله عنه- كمافي صحيح البخاري (كنت أسمعه يكثر أن يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن،والعجز والكسل...) الحديث
ولنا وقفات مع هؤلاء الكلمات الأربع
فالهــــــــــــــــــــــــــــــــم هو شغل الفكر والعقل والقلب، وغـــــــــــــــالباً هو بداية الحزن، فيهتم الشخص أولاً، ثم يحزن تبعاً له
وليس كل هم مذموم، بل إن الهم الذي يؤدي إلى الحزن هو المذموم، ولا يكون ذلك الهم الا هم الدنيا، فكل هموم الدنيا تؤدى إلى الحزن؛
وذلك لأمــــــــــــــــور
- أن هموم الدنيا متفرقة متشعبة فيتشتت المرء فيها فيشقى ويحزن
- أن باهتمامه بالدنيا انشغل عما خلق له من عباده ربه فكان الشقاء جزاءه. - أن من جعل الدنيا همه لا يكاد يهنأ، بل هو في شقاء دائم؛ لأنه دائماً يرى فقره بين عينيه، وكأنه لم يحصل شيء، فلا يقنع بشيء ولا يرضى بحال. ما أخبرت به، وما لم أخبر هو مصداق حديث النبي –صلى الله عليه وسلممن أصبح والدنيا همه فرق الله شمله، وجعل فقره بين عينيه، ولم يؤته من الدنيا ألاما كتب له) أما الهم الذي لا يؤدي إلى الحزن هو أن يترك الإنسان همه، ويكون مهتماً بما خلق له، وبما يخبره أن السعادة تكون فيه، وهذا لا يكون إلا أن يجعل همههم الآخرة، وهذا أيضاً مصداق حديث النبي –صلى الله عليه وسلم-ومن جعل الآخرة همه جمع الله شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة وجعل غناه في قلبه) - أما الحزن فليس مقصود في ذاته ولا يتعبد به، إذ كيف يتعبد به والنبي –صلى الله عليه وسلم- استعاذ منه، لكن قد يحدث الحزن اتفاقاً، فينهى عن التمادي الذي يؤدي إلى المغالاة،كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم-إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا) فهذه أكمل الحالات حزن قلب؛ لأنه المناسب للرحمة التي خلقت فيه،ثم هذا القلب أيضاً ممتلئ بالرضا عن الله، فيتحقق التوازن والتناسب. وأماالفرق بين الحزن والخوف، فالحزن يكون على فوات شيء مضى أو على مكروه وقع. أما الخوف فهو لتوقع مكروه في المستقبل، وهما منفيان عن أهل الآخرة، بل تأتي بنفيهما البشرى من الملائكة عن السياق (ألا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاهُمْ يَحْزَنُونَ) (يونس:62)، وهو كذلك حال المؤمن الذي عمل الصالحات في الدنيا، إذكيف يحزن وهو عبد لرب يتوكل عليه، ويرضى به، ويرجوه ويستغفره، ويتوب إليه. فإن كان يحزن لذنب أصابه فباب التوبة مفتوح، وإن كان يحزن لمكروه وقع فباب الرضى ميسور، وإن كان يخاف من مستقبل مجهول فأين توكله على ربه؟ فضلاً أن قد وحد همه وهو هم الآخرة،فبالتالي قد وحدت أحزانه ومخاوفه، فإيمانه وعمله الصالح، وتوكله على ربه، ورضاه به،ورجاؤه إياه حائلاً بينه وبين الخوف والحزن، بل هو يعيش حياة طيبة في الدنيا، ثم ينقلب إلى حياه أطيب وأسعد في الآخرة (من آمن بالله واليوم الأخر وعمل صالحا فلاخوف عليهم ولا هم يحزنون) (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَمُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل:97) - ومع كل ما ذكرنا فنحن لاننفي ورود هذه المخاوف والأحزان حتى على من حصل الإيمان والعمل الصالح، لكن مانؤكده ونقرره أن أفضل من يستطيع مواجهتها وإبدالها بضدها هم هؤلاء من حصَّلواالإيمان والعمل الصالح، وإلا فإن السادة الأتقياء الأولياء قد أصابهم من ذلك، فهذاموسى قد خاف، وهذا يعقوب قد حزن، وهذا ذا النون قد أصابه الغم، وهذا أيوب قد أصابه الضر، انظر إليهم وقد أصابهم كل هذا، لكن أيضاً انظر إلى أحوال قلوبهم؛ لتعلم يقيناً ما أخبرك به، فهم قد ابتلوا بذلك لأنهم في هذه الدنيا وهى دار ذلك، دارالبلاء والهموم والأحزان، دار قضى فيها البلاء بالخوف والجوع، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات