فيثاغورس شخصية غامضة
تنزع نزوعا قويا الي الباطن، ولكنها رائعة مؤثرة اسرة، لذلك كانت طروحاتها الذهنية واغرابها في التجريد واللا محسوس.
ولد في جزيرة ساموس Samos وفيما نشا ودرج في طفولته وشبابه ثم هاجر الي كروتونا جنوب ايطاليا بعد ان مر ببلاد الشرق بابل ومصر وفي كروتونا اسس جمعية من تلامذته ومريديه، لم تكن في اول امرها فلسفية او سياسية انما كانت تدعو الي الاصلاح ومكارم الاخلاق وطهارة النفس وسموها عن طريق الانصراف الي الحكمة والعلم والترفع عن الدنيا وعدم الاهتامم بالجسد الذي هو عنده غل الروح البشرية الذي ليس للروح ان تترفع الي ما يلزمها ويناسبها من سمو الا بتدمير الجسد وتجاوز مطالبه وشهواته التي تبعد به عن العقل ومطالبه والحكمة واشراقاتها، وكان يهدف من تاسيس جمعيته هذه مقاومة الطغيان وتدمير الطغاة، حيث ناله منهم من الظلم والعنت في ساموس ما كرهه بهم وحمله علي رفضهم وعدم الاذعان لارادتهم الهوجاء، اذ كان طاغية ساموي بوليكراتس جبارا عنيدا فاسدا غبيا، فيثاغورس شخصية غامضة تنزع نزوعا قويا الي الباطن، ولكنها رائعة مؤثرة اسرة، لذلك كانت طروحاتها الذهنية واغرابها في التجريد واللا محسوس.
ولد في جزيرة ساموس Samos وفيما نشا ودرج في طفولته وشبابه ثم هاجر الي كروتونا جنوب ايطاليا بعد ان مر ببلاد الشرق بابل ومصر وفي كروتونا اسس جمعية من تلامذته ومريديه، لم تكن في اول امرها فلسفية او سياسية انما كانت تدعو الي الاصلاح ومكارم الاخلاق وطهارة النفس وسموها عن طريق الانصراف الي الحكمة والعلم والترفع عن الدنيا وعدم الاهتامم بالجسد الذي هو عنده غل الروح البشرية الذي ليس للروح ان تترفع الي ما يلزمها ويناسبها من سمو الا بتدمير الجسد وتجاوز مطالبه وشهواته التي تبعد به عن العقل ومطالبه والحكمة واشراقاتها، وكان يهدف من تاسيس جمعيته هذه مقاومة الطغيان وتدمير الطغاة، حيث ناله منهم من الظلم والعنت في ساموس ما كرهه بهم وحمله علي رفضهم وعدم الاذعان لارادتهم الهوجاء، اذ كان طاغية ساموي بوليكراتس جبارا عنيدا فاسدا غبيا، وكان فيثاغورس يحتقره ويرفض اساليبه في القهر واذلال الناس وظلمهم فلما جاء الي كروتانا واسس فيها من تلامذته ومريديه جمعيته عمد الي تحقيق رغبته في مواجهة الفساد والافساد والظلم واحابيله عبر هذه الجمعية من الاخوان الاصفياء واتجه بها صوب نزعة صوفية غامضة، لذلك حوربت وضيق علي اعضائها بعد ان ذاعت مثلها ومبادئها بين الناس.

ويقال ان فيثاغورس واتباعه عولوا في الكثير مما اخذت به جمعيتهم من رياضات وعقائد علي شاعر قديم يدعي ارفيوس كان متفلسفا للموسيقي واصولها، حيث كان هو في اشعاره وغنائه عندهم يحرك الجماد ويبعث السحر فيمن حوله بمسويقي اشعاره، واخذوا عنه القول بتناسخ الارواح واقتفوا اثاره في الزهد والتقشف والانقطاع الي رياضات الروح.
يحتل فيثاغورس موقعا متميزا في علمي الرياضة والفلك، وبرغم انه كان هو الذي ارسي علوم العقل علي اسسل ماتزل صالحة لقيام مثل هذه العلوم، كان هو الفيلسوف الذي انتقل بالفكر الفلسفي من المادية الايونية الي التفكير المجرد الذي لا يقوم علي الحس والمادة، حيث ارجع الكون الي العدد وقال: انه السبيل الي معرفة الاشياء وتاشير اوصافها بيد ان الاوصاف ليست هي هذه الاغراض الزائلة عنده وانما العدد هو الصفة الوحيدة الشاملة لكل ما ينتظم الحياة والكون من ظواهر واشياء بالعدد هو جوهر الوجود وحقيقته ونسبة الاشياء الي بعضها والعدد هنا يراد به الكم فهذه الشجرة مثلا تختلف عن تلك طولا لان وحدات الطول في الاولي اكثر منها في الثانية.
والحقيقة ان فيثاغورس والفيثاغورسيين في هذا المنظور الذي يرجع الاشياء والظواهر التي يضمها الكون الي العدد انما يخلطون بين مفهومي وحدة الحساب ووحدة الهندسة وعدهما مفهوما واحدا فلا يفرقون بين الواحد الحسابي الذي هو الوحدة العددية وبين النقطة التي هي وحدة الهندسة في حين ان وحدة العدد اي الواحد، وجود خاص حقيقي امام المستقيم فهو مجموعة نقاط وهمية افتراضية اذ النقطة لا وجود لها علي وجه الحقيقة وبالتالي الاشكال الهندسية ولا يجوز الخلط بين النقطة التي هي افتراضية وما يتشكل منها والواحد الذي هو حقيقة عينية.
ومع هذا فقد وجد الفيثاغوريون الاعداد هي مادة الكون واصله اذ الاشياء من حيث هي كينونات انما تتفرع عن الواحد لانها مهما بلغت من الكثرة والضخامة في الجرم، انما هي واحد متكرر لذلك كان الواحد عندهم هو اصل الكون وعنه صدر كل موجود وعللوا ظاهرة انشطار الكون الي موجودات محددة واخري لا محددة بان الاعداد تنشطر الي فردي وزوجي، فالفردي لا محدود والزوجي محدود ثم وضعوا قائمة بعشرة اضداد هي عماد ثنائيات الكون العشر علي الوجه التالي:
1 فردي زوجي 2 محدود لا محدود 3 واحد كثير 4 يمين يسار 5 ذكر انثي 6 مستقيم معوج 7 سكون حركة 8 نور ظلمة 9 خير شر 10 مربع مستطيل.
ولقد غالوا في نظراتهم هذه حتي خرجوا الي حدود الوهم فعدوا مثلا الواحد نقطة والاثنين خطا والثلاثة سطحا والاربعة جرما جامدا صلبا والخمسة صفات طبيعة والستة حياة والسبعة عقلا وصحة وحبا وحكمة ولا يتم لهم مثل هذا علي ما اظن الا اذا ارادوا بالعدد رمزا لا حقيقية.
ويبدو لي انهم ارادوا ذلك قصدا ليتسق فرضهم العدد اصلا للوجود بكل مظاهره ثم انهم متابعة لهذا الغرض ذهبوا الي تقديس العدد عشرة اذ وجدوه حاصل جمع الاعداد الاربعة الاولي (1+ 2+ 3+ 4) التي ترمز الي عناصر المادة الاربعة: الهواء، الماء، النار، التراب، واختاروا له صورة الهرم ، بل انهم ذهبوا في اغاربهم ابعد، فوجد ان قيمة العدل والعدالة من المعنويات الروحية العالية هي حاصل ضرب 2 2 لانها تعني ضرب عددين متساويين لذلك فالعدد اربعة يرمز للعدل لان العدل هو رد المثل الي مثله، فان اساء احد فيجب ان يرد عليه بمثل ما اساء ولما كانت الارواح تنتقل من جسد لاخر ومن نوع الي نوع ومستوي في الوجود الي مستوي ادني او اعلي عندهم امتنعوا عن اكل اللحوم وغيرها مما يمكن ان تنتقل اليه ارواح البشر، لان النفس ينبغي ان تظل طاهرة مطهرة غير ملوثة بعدوان مقصودا او غير مقصود وكانت الموسيقي علي ما اسلفنا وسيلتهم الي تطهير النفس والسمو بها ووجدوا تجريبيا عن طريق ايقاف وتر واحد في الالة الموسيقية الوترية المالوفة في اوساطهم ان السلم الموسيقي عديد والفواصل النغمية الكبري يمكن التعبير عنها بنسب الاعداد الصحيحة من هنا كان استنتاجهم المركزي ان الكون في الاصل عدد، مادامت الموسيقي وهي قرين النفس وخدنها عدد بمثل هذا المنطق جعلوا الاصل في كل شيئ عددا.
ثم ان لهم في علم الفلك اراء قيمة حيث رفضوا القول بمركزية الارض وكذلك بمركزية الشمس، وقررو ان كلا من الارض والشمس يدور حول النار المركزية في الكون وفي صعيد الخلق كانوا يرون ان المحدد هو الذي شد اللامحدود اليه ليكون الوجود وكانهم في ذلك كانوا يوحون لهيجل بنظريته في التحقق حيث وجد ان الوجود المطلق محض وجود منطقي لم يتحول الي الفعل الا بالتحامه باللاوجود ليضحيا الوجود واللا وجود وجودا فعليا فيكون العالم.