وبعثت تعتب يا أبي..!
وغضبت مني بعدما
تاهت خطاي....عن الحسينْ
أنا يا أبي في الدرب
مصلوب اليدينْ
وزوابع الأيام تحملني
ولا أدري لأينْ
والناس تعبر فوق أشلائي
ودمعي..بيْنَ..بينْ
وبعثت تعتب يا أبي
لم لا تجيء لكي ترى؟
كيف الضمير يموت
في قلب الرجلْ
كيف الأمانُ يضيعُ
أو يفنى الأملْ
لم لا تجيء لكي ترى
أن الطريق يضيق حزناً بالبشرْ
أن الظلام اليوم يغتال القمرْ
إن الربيع يجيء..من غير الزهرْ
لم لا تجيء لكي ترى
الأرض تأكل زرعها
والأم تقتل طفلها
أترى تصدق يا أبي
أن السماء الآن..
تذبح بدرها؟!
والأرض يا أبتاه
تأكل..نفسها..
وغضبت يا أبتاه مني بعدما
تاهت خطاي عن الحسينْ
أتراه عاش زماننا
أتراه ذاق..كؤوسنا
هل كان في أيامه
دجلُ..وإذلالُ..وقهرْ
هل كان في أيامه
دنس يضيقُ..بكل طهرْ
فبيوتنا صارت مقابرَ للبشرْ
في كل مقبرة إلهْ
يعطي..ويمنع ما يشاءْ
ما أكثر العباد..
في زمن الشقاءْ
أبتاه لا تعتب عليّ..
يوماً ستلقاني أصلي
في الحسين
سترى دموعَ الحزن
تحملها بقايا..مقلتينْ
ويشدني قلبي إليه
فلا أرى..قدمي تسيرْ
القلب يا أبتاه أصبح كالضريرْ
أنا حائر في الدرب..
لا أدري المصيرْ
أنا في المدينة يا أبي مثل السحابْ..
يوماً تداعبني الحياة بسحرها..
يوماً...يمزقني العذابْ
و رأيت أحلام السنين كأنها
و هم جحودٌ..أو سرابْ
و عرفتُ أن الحلم صار حلمٌ زائفٌ
فغداً يصير..إلى الترابْ
زمنٌ حزينٌ يا أبي زمن الذئاب
أبتاه لا تغضب إذا
ما قلتُ شيئاً..من عتابْ
عندي عتابٌ يا أبي عندي عتابْ..
أبتاه قد علمتني حب الترابْ
كيف الحياة أعيشُها رغم الصعابْ
كيف الشبابُ يشدني نحو السحابْ
حاسبتُ نفسي عمرها
حتى يئست من الحسابْ
و ضميري المسكين مات من العذاب
أبتاه..
مازال في قلبي عتابْ
لِمَ لمْ تعلمني الحياة مع الذئاب؟!