تيوليب •° نائبه المدير °•
عدد مساهماتى |♥ : 4846 تاريخ ميلادى |♥ : 27/11/1965 تاريخ تسجيلى |♥ : 09/01/2011 موقعى |♥ : www.elfagr.ahlamontada.net/
| موضوع: بو الدرداء ............. أي حكيم ، كان السبت أبريل 02, 2011 7:45 am | |
| رة وبهاء .. وكان لايفتأ يقول لمن حوله : " ألا أخبركم بخير أعمالكم ، وأزكاها عند بارئكم ، وأنماها في درجاتكم ، وخير من أن تغزو عدوكم ، فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم ، وخير من الدراهم والدنانير " ...؟! وتشرئب أعناق الذين ينصتون له .. ويسارعون بسؤاله : " أي شئ هو ... يا أبا الدرداء " ...؟؟! ويستأنف " أبو الدرداء " حديثه فيقول ووجهه يتألق تحت ضوء الإيمان والحكمة : " ذكرالله .. ولذكر الله أكبر " ..........!! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ لم يكن هذا الحكيم العجيب يبشر بفلسفة انعزالية ولم يكن بكلماته هذه يبشر بالسلبية ، ولا بالانسحاب من تبعات الدين الجديد .. تلك التبعات التي يأخذ الجهاد مكان الصدارة منها ..
أجل ............
ماكان " أبوالدرداء " ذلك الرجل ، وهو الذي حمل سيفاً مجاهداً مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم - منذ أسلم ، حتى جاء نصر الله والفتح ....
بيد أنه كان من ذلك الطراز الذي يجد نفسه في وجودها الممتلئ الحي ، كلما خلا إلى التأمل ، وأوى إلى محراب الحكمة ، ونذر حياته لنشدان الحقيقة واليقين ...؟؟؟
ولقد كان حكيم تلك الأيام العظيمة " أبوالدرداء " إنساناً يتملكه شوق عارم إلى رؤية الحقيقة واللقاء بها ...
وإذ قد آمن بالله وبرسوله إيماناً وثيقاً ، فقد آمن كذلك بأن هذا الإيمان بما يمليه من واجبات وفهم ، هو طريقه الأمثل والأوحد إلى الحقيقة ...
وهكذا عكف على إيمانه مسلماً إليه نفسه ، وعلى حياته يصوغها وفق هذا الإيمان في عزم ، ورشد ، وعظمة ...
ومضى على الدرب حتى وصل .. وعلى الطريق حتى بلغ مستوى الصدق الوثيق .. وحتى كان يأخذ مكانه العالي مع الصادقين تماماً حين يناجي ربه مرتلاً آيته ... " إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين "
أجل .. لقد انتهى جهاد " أبي الدرداء " ضد نفسه ، ومع نفسه إلىتلك الذروة العالية .. إلى ذلك التفوق البعيد ..إل ذلك التفاني الرهباني .. الذي جعل حياته . كل حياته . لله رب العالمين .. !! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ والآن ، تعالوا نقترب من الحكيم والقديس .. ألاتبصرون الضياء الذي يتلألأ حول جبينه ... ؟؟ ألا تشمون العبير الفواح القادم من ناحيته .. ؟؟ إنه ضياء الحكمة ، وعبير الإيمان ... ولقد التقى الإيمان والحكمة في هذا الرجل الأواب لقاءاً سعيداً ، أي سعيد ..... !!!!!!!!!!!!!
سئلت أمه عن أفضل ماكان يحب من عمل .. فأجابت : " التفكر والاعتبار " أجل ... لقد وعى تماماً قول الله في أكثر من آية : " فاعتبروا يا أولي الأبصار "
وكان وهو يحض إخوانه على التأمل والتفكر يقول لهم : " تفكر ساعة خير من عبادة ليلة "
لقد استولت العبادة ، والتأمل ، ونشدان الحقيقة على كل نفسه ، وكل حياته . ويوم اقتنع بالاسلام ديناً ، وبايع الرسول - صلى الله عليه وسلم - على هذا الدين الكريم ، كان تاجراً ناجحاً من تجار المدينة النابهين ، وكانقد قضى شطر حياته في التجارة قبل أن يسلم ، بل وقبل أن يأتي الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون إلى المدينة مهاجرين ... بيد أنه لم يمض على إسلامه غير وقت وجيز حتى ..........................
ولكن ندعه هو ليكمل الحديث : " أسلمت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا تاجر .. وأردت أن تجتمع لي العبادة والتجارة فلم يجتمعا .. فرفضت التجارة وأقبلت على العبادة ... وما يسرني اليوم أن أبيع وأشتري فأربح كل يوم ثلاث مئة دينار ، حتى لو يكون حانوتي على باب المسجد ... ألا إني لاأقول لكم : إن الله حرم البيع .. ولكني أحب أن أكون منالذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ...!!!! "
أرأيتم كيف يتكلم فيوفي القضية حقها ، وتشرق الحكمة والصدق من خلال كلماته ..!! إنه يسارع قبل أن نسأله : وهل حرم الله التجارة يا أبا الدرداء ..؟؟ يسارع فينفض عن خواطرنا هذا التساؤل ، ويشير إلى الهدف الأسمى الذي كان ينشده ، ومن أجله ترك التجارة برغم نجاحه فيها ..
لقد كان رجلاً ينشد تخصصاً روحياً وتفوقاً يرنو إلى أقصى درجات الكمال الميسور لبني الإنسان ..
لقد أراد العبادة كمعراج يرفعه إلى عالم الخير الأسمى ، ويشارف به الحق في جلاله ، والحقيقة في مشرقها ، ولو أرادها مجرد تكاليف تؤدى ، ومحظورات تشرك ، لاستطاع أن يجمع بينها وبين تجارته وأعماله ...
فكم من تجار صالحين ... وكم من صالحين تجار ...
ذلكم هو " أبوالدرداء " ، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتلميذه ..وذلك هو " أبوالدرداء " القديس والحكيم ..
رجل دفع الدنيا بكلتا راحتيه ، وذادها بصدره .. رجل عكف على نفسه حتى صقلها وزكاها ، وحتى صارت مرآة صافية انعكس عليها من الحكمة ، والصواب ، والخير ، ماجعل من " أبي الدرداء " معلماً عظيماً وحكيماً قويماً ...
ولنبدأ بفلسفته تجاه الدنيا وتجاه مباهجها وزخرفها ...... إنه متأثر حتى أعماق روحه بآيات القرآن الرادعة عن ( الذي جمع مالا وعده* يحسب أن ماله أخلده ) ومتأثر حتى أعماق روحه بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - " ما قل وكفى ، خير مما كثر وألهى " ويقول عليه السلام : " تفرغوا من هموم الدنيا مااستطعتم ، فإنه من كانت أكبر همه ، فرق الله شمله ، وجعل فقره بين عينيه ..... " ومن كانت الآخرة أكبر همه جمع شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وكان الله إليه بكل خير أسرع "
من أجل ذلك ، كان يرثى لأولئك الذين وقعوا أسرى طموح الثروة ويقول : " اللهم إنى أعوذ بك من شتات القلب .. سئل : وما شتات القلب يا " أبا الدرداء " ...؟؟ فأجاب : أن يكون لي في كل واد مال " .....
وهويدعو الناس إلى امتلاك الدنيا بالاستغناء عنها .. فذلك هو الامتلاك الحقيقي لها ... أما الجري وراء أطماعها التي لا تؤذن بانتهاء ، فذلك شر ألوان العبوديةوالرق .
هنالك يقول :
" من لم يكن غنيا عن الدنيا ، فلا دنيا له " ...
والمال عنده وسيلة للعيش القنوع المعتدل ، ليس غير . ومن ثم ، فإن على الناس أن يأخذوه من حلال ، وأن يكسبوه في رفق واعتدال ، لا في جشع وتهالك .............
فهو يقول : " لا تأكل إلا طيباً .. ولا تكسب إلا طيباً .. ولا تدخل بيتك إلا طيباً "
ويكتب لصاحبه فيقول له : " .... أما بعد ؛ فلست في شئ من غرض الدنيا إلا وقدكان لغيرك قبلك .... وهو صائر لغيرك بعدك ... وليس لك منه إلا ما قدمت لنفسك ... فآثرها على من تجمع له المال من ولدك ليكون له إرثاً ، فأنت إنما تجمع لواحد من اثنين :
إما ولد صالح يعمل فيه بطاعة الله ؛ فيسعد بما شقيت به ... وإما ولد عاص يعمل فيه بمعصيةالله فتشقى بما جمعت له ...
فثق لهم بما عند الله من رزق ، وانج بنفسك .. "
| |
|