مسجد النارنج هذا المسجد عامر إلى يومنا هذا فيما بين الرصد والقرافة الكبرى بجانب سقاية ابن طولون المعروفة بعفصة الكبرى غربيها إلى البحريّ قليلًا وهو المطلّ على بركة الحبش شرقي الكتفي وقبليّ القرافة.
بنته الجهة الآمرية المعروفة بجبهة الدار الجديدة في سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة أخرجت له اثني عشر ألف دينار على يد الأستاذين افتخار الدولة يمن ومعز الدولة الطويل المعروف بالوحش.
وتولى العمارة والإنفاق عليه الشريف أبو طالب موسى بن عبد الله بن هاشم بن مشرف بن جعفر بن المسلم بن عبيد الله بن جعفر بن محمد بن إبراهيم بن محمد اليمانيّ بن عبيد اللّه بن موسى الكاظم الحسينيّ الموسويّ المعروف بابن أخي الطيب بن أبي طالب الورّاق وسمي مسجد النارنج لانّ نارنجه لا ينقطع أبدًا.
هذا المسجد في شرقيّ القرافة الصغرى بجانب مسجد الفتح في الموضع الذي يُعرف عند الزوّار بالبقعة وهو مصلَّى المغافر على الجنائز.
ويقال أنه بني عند فتح مصر وقيل بني في خلافة معاوية بن أبي سفيان ثم بنته جهة مكنون واسمها علم الآمرية أمّ ابنة الآمر التي يقال لها ست القصور في سنة ست وعشرين وخمسمائة على يد المعروف بالشيخ أبي تراب.5555555
مصلّى الجرجانيّ: بناه الوزير علي بن أحمد الجرجانيّ وكانت بالقرافة الكبرى والجبانة عدّة مصلّى خولان: هذه المصلّى عرفت بطائفة من العرب الذين شهدوا فتح مصر يقال لهم خولان وهم من قبائل اليمن واسمه نكل بن عمرو بن مالك بن زيد بن عُريب وفي هذه المصلّى مشهد الأعياد ويؤمّ الناس ويُخطب لهم بها في يوم العيد خطيب جامع عمرو بن العاص وليست هذه المصلّى هي التي أنشأها المسلمون عند فتح أرض مصر وإنما كانت مصلّى العيد في أوّل الإسلام غير هذه.
قال القضاعي: مصلّى العيد كان مصلى عمرو بن العاص مقابل اليحموم وهو الجبل المطلّ على القاهرة.
فلما ولي عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح مصر أمر بتحويله.
فحوّل إلى موضعه المعروف اليوم بالمصلّى القديم عند درب السباع ثم زاد فيه عبد الله بن طاهر سنة عشر ومائتين ثم بناه أحمد بن طولون في سنة ست وخمسين ومائتين واسمه باق عليه إلى اليوم.
قال الكنديّ: ولما قدم شفي الأصبحيّ إلى مصر وأهل مصر قد اتخذوا مصلّى بحذاء ساقية أبي عون عند العسكر قال: ما لهم وضعوا مصلاّهم في الجبل الملعون وتركوا الجبل المقدس يعني المقطم.
قال: فقدِّموا مصلاّهم إلى موضعه الذي هو به اليوم يعني المصلّى القديم المذكور[[size=29]/مسجد التنور:
هذا المسجد في أعلى جبل المقطم من وراء قلعة الجبل في شرقيها أدركتُهُ عامرًا وفيه من يقيم به.
قال القضاعيّ: المسجد المعروف بالتنور بالجبل هو موضع تنور فرعون كان يوقد له عليه فإذا رأوا النار عملوا بركوبه فاتخذوا له ما يريد وكذلك إذا ركب منصرفًا من عين شمس.
ثم بناه أحمد بن طولون مسجدًا في صفو سنة تسع وخمسين ومائتين ووجدتُ في كتاب قديم أنّ يهودا بن يعقوب أخا يوسف عليه السلام لما دخل مع إخوته على يوسف وجرى من أمر الصواع ما جرى تأخر عن إخوته وأقام في ذروة الجبل المقطم في هذا المكان وكان مقابلًا لتنور فرعون الذي كان يوقد له فيه النار.
ثم خلا ذلك الموضع إلى زمن أحمد بن طولون فأخبر بفضل الموضع وبمقام يهودا فيه فابتنى فيه هذا المسجد والمنارة التي فيه وجعل فيه صهريجًا فيه الماء وجعل الإنفاق عليه مما وقفه على البيمارستان بمصر والعين التي بالمغافر وغير ذلك.
ويقال أنّ تنور فرعون لم يزل في هذا الموضع بحاله إلى أن خرج إليه قائد من قوّاد أحمد بن طولون يقال له وصيف قاطرميز فهدمه وحفر تحته وقدّر أن تحته مالًا فلم يجد فيه شيئًا وزال رسم التنور وذهب وأنشد أبو عمرو الكنديّ في كتاب أمراء مصر من أبيات لسعيد القاضي: وتنور فرعون الذي فوقَ قِلةٍ على جبل عالٍ على شاهق وعرِ بنى مسجدًا فيه يروقُ بناءَهُ ويُهدى به في الليل إن ضلّ من يسري تخالُ سُنا قنديلهِ وضياءُهُ سُهيلًا إذا ما لاحَ في الليل للسفَرِ القرقوبيّ: قال القضاعيّ المسجد المعروف بالقرقوبي هو على قرنة الجبل المطل على كهف السودان بناه أبو الحسن القرقوبيّ الشاهد وكيل التجار بمصر في سنة خمس عشرة وأربعمائة وكان في موضعه محراب حجارة يُعرف بمحراب ابن الفقاعيّ الرجل الصالح وهو على يسار المحراب.
[size=29]مسجد الكنز:
هذا المسجد كان شرقيّ الخندق وبحريّ قبر ذي النون المصريّ وكان مسجدًا صغيرًا يُعرف بالزمام ومات قبل تمامه فهدمه أبو طاهر محمد بن عليّ القرشيّ القرقوبي ووسعه وبناه وحكي أنه لما هدمه رأى قائلًا يقول في المنام: على أذرع من هذا المسجد كنز فاستيقظ وقال: هذا من الشيطان فرأى هذا القائل ثلاث مرّات فلما أصبح أمر بحفر الموضع فإذا فيه قبر وظهر له لوح كبير تحته ميت في لحد كأعظم ما يكون من الناس جثة ورأسًا وأكفانه طرية لم يبل منها إلا ما يلي جمجمة الرأس فإنه رأى شعر رأسه قد خرج من الكفن وإذا له جمة فراعه ما رأى وقال: هذا هو الكنز بلا شك وأمر بإعادة اللوح والتراب كما كان وأخرج القبر عن سائر الحيطان وأبرزه للناس فصار يزار ويتبرّك به.
الخندق:
هذا الخندق كان بقرافة مصر قد دثر وعلى شفيره الغربيّ قبر الإمام الشافعيّ رضي الله عنه وكان من النيل إلى الجبل حُفر مرّتين مرّة في زمن مروان بن الحكم ومرّة في خلافة الأمين صمد بن هارون الرشيد.
ثم حفره أيضًا القائد جوهر.
قال القضاعيّ: الخندق هو الخندق الذي في شرقيّ الفسطاط في المقابر كان الذي أثار حفره مسير مروان بن الحكم إلى مصر وذلك في سنة خمس وستين وعلى مصر يومئذٍ عبد الرحمن بن عقبة بن جحدم الفهريّ من قبل عبد الله بن الزبير رضي اللّه عنه.
فلما بلحه مسير مروان إلى مصر أعد واستعد وشاور الجند في أمره فأشاروا عليه بحفر الخندق والذي أشار به عليه ربيعة بن حبيش الصدفيّ فأمر ابن جحدم بإحضار المحاريث من الكور لحفر الخندق على الفسطاط فلم تبق قرية من قرى مصر إلا حفر من أهلها النفر وكان ابتداء حفره غُرّة المحرّم سنة خمس وستين فما كان شيء أسرع من فراغهم منه حفروه في شهر واحد.
size]
[/size]