تيوليب •° نائبه المدير °•
عدد مساهماتى |♥ : 4846 تاريخ ميلادى |♥ : 27/11/1965 تاريخ تسجيلى |♥ : 09/01/2011 موقعى |♥ : www.elfagr.ahlamontada.net/
| موضوع: القراءة جوهر المعرفة:عند الاظفال الخميس مايو 12, 2011 5:49 am | |
| تعتبر القراءة منذ القدم من أهم وسائل التعلم الإنساني التي من خلالها يكتسب الإنسان العديد من المعارف والعلوم والأفكار، وهي التي تؤدي إلى تطوير الإنسان وتفتح أمامه آفاقاً جديدة كانت بعيدة عن متناوله. ويحكى أن أول مكتبة وضعها الفراعنة تحت رعاية آلهتهم كتبوا على بابها "هنا غذاء النفوس وطب العقول".
كما تعتبر القراءة من أكثر مصادر العلم والمعرفة وأوسعها، حيث حرصت الأمم المتيقظة على نشر العلم وتسهيل أسبابه، وجعلت مفتاح ذلك كله من خلال تشجيع القراءة والعمل على نشرها بين جميع فئات المجتمع.
والقراءة كانت ولا تزال من أهم وسائل نقل ثمرات العقل البشري وآدابه وفنونه ومنجزاته ومخترعاته، وهي الصفة التي تميز الشعوب المتقدمة التي تسعى دوماً للرقي والصدارة.
ولبيان أهمية القراءة فإن أول كلمة خاطب بها جبريل (عليه السلام) سيدنا محمد(صلى الله عليه وسلم) هي كلمة (اقرأ)، وهذا له دلالة كبيرة وعميقة على اكتشاف أهمية القراءة للعلم والمعرفة.
وفي العصر الحديث، دخلت القراءة في أنشطة الحياة اليومية لكل مواطن، فالقراءة هي السبيل الوحيد للإبداع وتكوين المبدعين والمخترعين والأدباء والمفكرين، والأمم القارئة هي الأمم القائدة، والذين يقرأون هم الأحرار؛ لأن القراءة والمعرفة تطرد الجهل والخرافة والتخلف.
إن المبدعين والمفكرين مجموعة من الشخصيات المتميزة اختاروا العلم موطناً والقراءة طريقاً؛ لأن الإبداع عندهم هو أن توجد شيئاً جديداً من مجموعة ما لديك من معطيات، ولن يتأتّى ذلك إلا بالقراءة والمعرفة المرتبطة بها.
إن عقولنا لا تدرك الأشياء على نحو مباشر، بل عبر وسيط معرفي مكون من مبادئ علمية وعقلية وخبرات حياتية، وعلى مقدار ما نقرأ يتحسن ذلك الوسيط، وبتحسنه يتحسن فهمنا للوجود، وتتحسن معه نوعية حياتنا، ولذلك فمن لم يكن قارئاً فقد عطّل وسائط تفكيره وإدراكه وسبل حياته.
ويشير تقرير التنمية الإنسانية العربية، "نحو إقامة مجتمع المعرفة" إلى أن "تعليم اللغة العربية يشكو من أزمة حادة في محتوى المادة التعليمية وفي مناهج التدريس على حد سواء، ولعل من أبرز أعراض هذه الأزمة إهمال الجانب الوظيفي في استخدام اللغة وعدم تنمية المهارات اللغوية في الحياة العملية، والاقتصار على جانب الكتابة دون جانب القراءة في تنمية القدرات الإبداعية" (7:2003).
ويعرّف المصدر السابق المعرفة "بأنها تتكون من البيانات والمعلومات والإرشادات والأفكار أو مجمل البنى الرمزية التي يحملها الإنسان أو يمتلكها المجتمع، في سياق دلالي وتاريخي محدد. وتوجه السلوك البشري فردياً ومؤسسيا, في مجالات النشاط الإنساني كافة، في إنتاج السلع والخدمات، وفي نشاط المجتمع المدني والسياسي وفي الحياة الخاصة"(ص36).
ويعرف كثير من المفكرين القراءة بـ"أنها عملية عقلية تشمل تفسير الرموز التي يتلقاها القارئ عن طريق عينيه، من خلال الربط بين الخبرة الشخصية (المخزون المعرفي Schema ) ومعاني هذه الرموز".
وللقراءة عمليتان أساسيتان: الأولى الاستجابة لما هو مكتوب، والثانية هي عملية عقلية يتم من خلالها تفسير المعنى عبر التفكير والاستنتاج (الفهم). إن المعرفة منتوج القراءة المباشر، وهي عماد التنمية والسبيل إلى مستويات التقدم والمعرفة ميزة إنسانية تمكن الإنسان وتؤهله للتفكير والتخيل والفهم والربط بين المعطيات المختلفة وتؤهله لتكوين رأيه المنفرد والتعامل مع المتغيرات والارتقاء نحو الأفضل. إن الفرد له الحق المشروع في الوصول إلى المعرفة، وللوصول إلى المعرفة يجب أن تتوافر له دروب المعرفة المختلفة، ومن أهمها الكتاب، حيث يعد الكتاب جواز سفر للمعرفة.
ويلخص (رجب( 2004 مهارات الفهم أثناء القراءة في: القدرة على إعطاء الرمز معناه. القدرة على فهم الوحدات الأكبر، كالعبارة والجملة والقطعة كلها. القدرة على القراءة في وحدات فكرية. القدرة على فهم الكلمات من السياق واختيار المعنى الملائم لها. القدرة على التخمين في معاني الكلمات. القدرة على اختيار الأفكار الرئيسية وفهمها. القدرة على الاستنتاج. القدرة على الاحتفاظ بالأفكار. القدرة على تقويم المقروء ومعرفة الأساليب الأدبية والفكرية وهدف الكاتب. القدرة على فهم الاتجاهات.
ولعل من أجمل ما قيل في القراءة ما كتبته مؤسسة "سكوت فورسمان" (Scott Foresman) في معرض الكتاب الدولي للقراءة الذي عقد في سانتياغو العام 1997 تحت عنوان "سوف أغير العالم":
"سوف أغير العالم بطفل في وقت ما، سوف أعطي هذا الطفل هدية لا تنتهي لذتها أبداً، هدية تجعل العالم بين يديه وتجعله أثرى وأغنى. هديتي هي القراءة التي سوف تفتح العينين وتوقظ الأحلام بالقصص التي تجعل الأطفال يشعرون وينمون ويفكرون. لا شيء يوقفني، ولن أسلو ذلك، لأن قلبي يعرف معنى القراءة، وأي قوة هي".
واقع القراءة في مدارسنا
أما القراءة فإنها تحتل مكان الصدارة من اهتمام الإنسان، باعتبارها الوسيلة الرئيسة التي يستكشف الطالب من خلالها البيئة من حوله، وهي الأسلوب الأمثل لتعزيز قدراته الإبداعية الذاتية، وتطوير ملكاته استكمالاً للدور التعليمي للمدرسة. فالقراءة مسألة حيوية بالغة الأهمية لتنمية ثقافة طلابنا، فعندما نحبب طلابنا في القراءة ونشجعهم على البحث والتثقيف، فإننا نفتح الأبواب أمام الفضول وحب الاستطلاع، ما ينمي رغبتهم في تخيل الأشياء، ويقلل مشاعر الوحدة والملل، ويخلق أمامهم نماذج يتمثلون أدوارها، وهكذا تغير القراءة أسلوب حياة الطلاب، وتجعلهم مفكرين مبتكرين يبحثون عن الحقائق والمعرفة بأنفسهم؛ وذلك من أجل منفعتهم في شق مستقبلهم ودخولهم في عالم الثقافة والاختراع والإبداع.
إننا نعلم طلابنا مهارات القراءة المختلفة في حياتهم المدرسية، التي تركز أساساً على مهارة الفهم، والتي تتضمن مهارات عدة؛ مثل إعطاء الرمز معناه، والقدرة على فهم وحدات فكرية، وفهم الكلمات في سياق، واختيار المعنى الملائم، والقدرة على الاستنتاج وتخمين المعاني.. الخ.
إن تعليم مهارة القراءة لا يقتصر فقط على تعليمها داخل المدرسة أو حجرة الصف، فالتعليم المدرسي لا يوصل كل شيء لعقول الطلاب. إن معنى القراءة وطلب العلم ليس محدوداً أو محصوراً بهدف التحصيل الدراسي للنجاح والرسوب فحسب، وإنما يتعدى ذلك إلى بناء العقل والتثقيف في شتى مجالات الحياة، أي إعداد الطلاب للحياة.
إن المدرسة اليوم ومقرراتها الطويلة لم تستطع أن تغرس حب القراءة لطلابها، وأصبحت سبباً في عزوف الطلاب عن القراءة الحرة.
إن المتأمل لوضع طلابنا وخريجينا هذه الأيام يقف حائراً أمام انشغالهم عن القراءة والمعرفة وهدر الوقت في سوء استخدام التقنيات الحديثة بدلاً من الاستفادة من هذا الزخم الحضاري والتقدم التقني الهائل في صقل توجهاتهم وأفكارهم وثقافتهم. وأمام هذا الواقع ولمعالجته، هناك دعوة لعمل عيادات القراءة (The Reading Clinic) التي تتولى مهمة إصلاح مهارات القراءة الحياتية.
لقد ذُكر عن عباس محمود العقاد أن القراءة تضيف إلى عمر الإنسان أعماراً أخرى، هي أعمار الكتاب والمفكرين والفلاسفة الذين يقرأ لهم, وما من عالم كبير أو مخترع عظيم إلا وكانت القراءة الواعية المستمرة وسيلته إلى العلم والاختراع، ومثال على ذلك )فيلو( (Philo Franz Worth) مخترع التلفزيون، فقد كان "فيلو" تلميذاً مجتهداً ومحباً للقراءة، وقد قرأ كل ما في مكتبة المدرسة عن الصوت والضوء والسينما الصامتة، وكان همه أن يجمع بين الصوت والصورة، فظل "فيلو" يقرأ، ودرس دراسة شاقة وقرأ قراءة واسعة حتى توصل إلى ما رغب فيه، وقيد اختراع التلفزيون باسمه.
وهناك أسطورة صينية حول سبب كون الصين بلد الحكمة والفلسفة: يحكى أن أحد الأباطرة العظماء الذين حكموا الصين تجبَّر في البلاد وقهر العباد ومنع الكتاب، وخاف الجميع من العقاب وآثر كل من عنده كتاب أن يضحي ويرميه في النهر حتى لا يعرف الإمبراطور له طريقاً. وفي الصباح انطلق دوي لم يكن له سابق في العنان، فمنذ الأبكار توجه الناس إلى أعمالهم وفوجئوا بالكتب والمعلومات في كل مكان تطفو فوق الماء، فأخذ كل منهم بدوره يحاول أن يخفي ما يجد فتقع عينه على معلومة فيحاول أن يستزيد وأخذ الحال بهم إلى أن أصبحوا يتبادلون القصص والمعرفة ويتبادلون الأفكار حتى أدركوا أن بقاء هذا الحال من المحال، ما دفع بالجميع إلى الثورة والتخلص من حاكمهم الطاغية، ومن هنا كانت البداية حتى أصبحت الصين تدعى بلد الحكمة والأسفار.
إننا إذا لم نقرأ ونقرأ ولا نتوقف عن القراءة، ولن نمل من ترديد هذه الدعوة للقراءة، لن نجد سبيلاً للتقدم والتطور لأن كل حرفة ووظيفة مهما كانت، تتطلب المعرفة، وتتطلب مزيداً منها كل يوم في ظل هذا العصر, عصر الانفجار المعرفي الهائل وثورة المعلومات المتسارعة. | |
|