سوء معاملة الأطفال مصطلح يشير بصفة عامة، إلى معاملة الوالدين أو غيرهما من الكبار للأطفال بصورة غير كريمة، إلا أنه لا يوجد تحديد دقيق لذلك. وهناك تعريف ضيق يحدد سوء معاملة الطفل بالعنف الجسدي الذي يهدد الحياة، بما في ذلك الضرب المبرح والحرق والخنق. لكنَّ هناك تعريفًا أكثر شمولا يتضمن كل معاملة لا ترقى إلى درجة العناية المثلى، بما في ذلك الإهمال والاعتداء الجنسي أو العاطفي والاستغلال. وهذه الصور من سوء المعاملة نجدها في المجتمعات الغربية لأن الإسلام حدد طرق معاملة الأطفال وطريقة تهذيبهم، وأكد الرسول ³ على أهمية هذه المعاملة في التكوين النفسي للطفل، وكان يعامل ابني بنته، الحسن والحسين معاملة صارت منهجًا في طريقة معاملة الأبناء. وأوضح الإسلام أيضًا كيفية المساواة بين الأبناء، وحجم الرعاية المطلوبة للأطفال وأثر كل هذه الأشياء على تكوين الأبناء في المستقبل ودورهم الريادي بعد ذلك في الوصول بالمجتمع إلى بر الأمان.
لا يعلم أحد عدد حالات سوء معاملة الأطفال التي تحدث كل عام، لأن الكثير منها لا يُبلغ عنه أبدًا. وتُقدر الجمعية القومية لمنع القسوة على الأطفال (إن. بي. سي) في الغرب، أن نحو عشرة آلاف طفل يتعرضون للأذى الجسدي وأن عددًا مماثلاً في المجتمعات الغربية يتعرض لاعتداءات جنسية كل عام خاصة في إنجلترا وويلز. ويذكر المركز القومي لسوء معاملة الأطفال وإهمالهم بالولايات المتحدة الأمريكية أن نحو مليون طفل يتعرضون سنويا لأحداث عنف جسدي مقصودة تهدد حياتهم. ومن المعتقد أن سوء معاملة الأطفال أمر شائع في العديد من البلدان النامية والأقطار الصناعية الغربية.
ثم تغيرت الآراء حول أسباب سوء معاملة الطفل بمرور الزمان. فقد كان العديد من علماء الاجتماع يعتقدون يوما أن الأفراد الذين يعانون اضطرابات عاطفية عميقة، هم فقط الذين يقدمون على سوء معاملة الأطفال. غير أن الدراسات تشير إلى أن معظم الأفراد الذين يسيئون معاملة الأطفال لا يعانون من أمراض نفسية تقليدية. ويوجد رأي شائع آخر وهو أن من تُساء معاملتهم من الأطفال يعمدون إلى فعل الشيء نفسه عندما يكبرون، وهي حالة تُعرف باسم دورة سوء المعاملة بيد أن الأبحاث أثبتت أن من تُساء معاملته في طفولته لا يكتسب بالضرورة نفس السلوك.
ويعتقد كثير من الخبراء اليوم أن سوء معاملة الطفل سلوك واسع الانتشار لأن المجتمع يرى في العقوبة الجسدية التي يوقعها الآباء طريقة مقبولة لتعديل سلوك الأبناء. وعليه، فإن من يؤذون الأطفال من الكبار يقصدون أحيانًا تقويم هؤلاء الأطفال، دون أن يدركوا سهولة إصابتهم بالأذى. ويعتبر الضغط النفسي، عاملا آخر يؤدي إلى سوء معاملة الأطفال. ويكون الآباء العاطلون عن العمل والمنعزلون عن الناس، أو الذين يعانون من ضغوط نفسية لأية أسبابٍ أخرى، أكثر قابلية لأن يسيئوا معاملة أطفالهم من الآباء الذين لا يعانون مثل هذه المشكلات. ويُسبب الأطفال الذين هم دون سن النضج والأطفال المعوقون المزيد من الضغوط على آبائهم. ومن ثم، فإن مثل هؤلاء الأطفال يكونون أكثر عرضةً لسوء المعاملة من غيرهم.
لقد أدرك الناس في العالم كله أن سوء معاملة الأطفال يُشكل معضلة كبيرة. ويمثل منع أفراد الأسرة من الانعزال التام أو الإصابة بالضغط النفسي إحدى طرق حل هذه المشكلة، حيث تستطيع جماعات مساعدة الآباء وغيرها من مرافق الخدمات المتخصصة أن تخفف الكثير من الضغوط التي تؤدي إلى سوء المعاملة. ويمكن في الحالات القصوى، أن تحيل محكمة الأحداث الأطفال الذين يتلقون رعاية سيئة إلى إحدى دور الرعاية أو إلى أى نوعٍ آخر من مرافق رعاية الأطفال. وقد انشئت الجمعية الدولية لمنع سوء معاملة الأطفال وإهمالهم في عام 1977م. وهذه الجمعية لها أعضاء في 32 قُطرًا، وهي تهدف إلى منع القسوة على الأطفال في كل البلدان.