يحاصر الكثيرون الشعر الآن يعتبرونه أداه للشهرة والمال فأصبح الشعر مهنة من لا مهنة له لذا سبح هذا الشاعر ضد التيار ثار على الكلمة الهابطة، على الجملة الركيكة، حاول إصلاح أحواله لأنه عاصر جيل العمالقة وتتلمذ على يديهم ثم شق لنفسه طريقا خاصا بعيدا عن الآخرين. كانت نشأته عاملا مهما في اتجاهه إلى كتابة الشعر وبدا ذلك واضحا منذ ديوانه الأول صياد وجنيه.. هو الشاعر الكبير سيد حجاب الذي ولد في مدينة المطرية بالدقهلية هذه المدينة الصغيرة الواقعة على ضفاف بحيرة المنزلة والتي علمته معنى الكفاح لما لها من طبيعة خاصة فهي مدينة صيادين لها عالمها وسحرها الخاص فكان يخرج وهو صغير مع بزوغ الخيط الأبيض من الفجر ليرى عودة الصيادين محملين بما رزقهم الله من خيرات البحيرة. ربما لم تكن طبيعة هذه المدينة السبب الوحيد لاحترافه الشعر فقد كان والده بمثابة المعلم الأول عندما كان يشاهده في جلسات المصطبة الشعرية حول الموقد في ليالى الشتاءالباردة وهو يلقى الشعر للصيادين في مباراة أشبه بالتحطيب الصعيدى فكل صياد يلقى ما عنده فكان يدون كل ما يقوله الصيادون ويحاول محاكاتهم وكان يخفى عن والده حتى أطلعه على أول قصيدة كتبها عن شهيد باسم "نبيل منصور" فشجعه والده على المضى قدما في هذا الإتجاه حتى دخل المدرسة وصادق المعلم الثاني شحاته سليم نصر مدرس الرسم والمشرف على النشاط الرياضى والذي علمه كيف يكتب عن مشاعر الناس في قريته. مع تنامى موهبته واحتكاكه وقراءاته إكتسب العديد من الخبرات حتى تقابل مع الشاعر عبد الرحمن الأبنودى في إحدى ندوات القاهرة ومن هذه الندوة أصبحا صديقين ثم تعرف على أستاذه الثالث صلاح جاهين فكان أول لقاء بينهما بعد أن سمع قصيدة لسيد فإنتفض واقفا يحضنه ويلف به حجرة الملحن سليمان جميل ليقول لفؤاد قاعود إحنا بقينا كتير يا فؤاد وتنبأ له بأنه سيكون صوتا مؤثرا في الحركة الشعرية وقد صدقت نبوءة جاهين ففى منتصف الستينات من القرن الماضى إحتفى المثقفون بأول ديوان له صياد وجنيه وبعده انتقل إلى الناس عبر الأثير من خلال مجموعة البرامج الإذاعية الشعرية بعد التحية والسلام، عمار يا مصر، أوركسترا وقد كان الأبنودى يقدم معه البرنامج الأول بالتناوب كل واحد 15 يوما وبعد فترة إنفصلا فقدم كل منهما برنامجا منفصلا. كما شارك سيد حجاب في الندوات والأمسيات الشعرية والأعمال التليفزيونية والسينمائية في محاولة للوصول للجمهور وقدمه جاهين لكرم مطاوع ليكتب له مسرحية حدث في أكتوبر فدخل في نسيج الحياة الثقافية. وعندما دخل الشاعر سيد حجاب مجال الأغنية لم يتنازل عن جوهر الشعر بل إن الشاعر حماه من الانزلاق وراء كلمات سهلة يلوكها المستمع ثم تجد طريقا لأقرب سلة مهملات فغنت له عفاف راضى وعبد المنعم مدبولى وصفاء أبو السعود وإقترب على استحياء من سوق الكاسيت وكان ذلك من خلال فريق الأصدقاء مع عمار الشريعى وقدم أغانى في ألبومها الأول مع عمر بطيشة ثم أتبعه بألبومين هما "أطفال أطفال" و"سوسه". بعدها إقترب من بليغ حمدى بأغنيات لعلى الحجار وسميرة سعيد وعفاف راضى وقدم معه الحجار تجيش نعيش وكتب لمحمد منير في بداياته أغنية آه يا بلاد يا غريبة في أول ألبوم له ثم أربع أغنيات في ألبومه الثاني ومن هذه الأعمال انطلق يكتب أشعار العديد من الفوازير لشريهان وغيرها بجانب العديد من تترات المسلسلات التي عرض بعضها في رمضان. لم يبتعد حجاب عن السياسة فالتحق منذ شبابه بأشبال الدعاه مع الإخوان المسلمين ثم إنضم لحزب مصر الفتاة وإصطدم بالعديد من التيارات الفكرية التي ساهمت في ثقل موهبته وأعطتها رونقا خاصا وإعتقل خمسة أشهر في عهد جمال عبد الناصر كل هذا أثر على تجربته الشعرية التي ما زال يمتعنا بها.