ماذا وراء العاصفة بقلم : د‏.‏ مصطفي محمود

ماذا وراء العاصفة

بقلم : د‏.‏ مصطفي محمود

ما يجري في أمريكا أمر غير مفهوم

هذه العاصفه التي شملت كل وسائل الاعلام المرئيه والمسموعه والمقروئه وكانما قامت القيامه علي الرئيس كلينتون وعلاقته الجنسيه بمونيكا وما حدث فيها من الوان قله الادب وما تبقي علي الفستان من اثار بيولوجيه تخص الرئيس‏..‏ وخمسمائه صفحه من اعترافات الانسه مونيكا مليئه بالتفاصيل وتفاصيل التفاصيل المخله والمقززه التي ضمنها المحقق كنيث ستار وارسلها في‏26‏ صندوقا تحت حراسه امنيه مشدده الي رجال الكونجرس لتروي احداث هذه العلاقه غير الشرعيه مزوده بالرسوم والاسكتشات التوضيحيه‏.‏

وافتح فمي في دهشه وانا استمع واتفرج وقد اختلط علي الامر وكانما يجري هذا التحقيق في صحن الازهر علي ايدي رجال الشرع الغيورين‏..‏ ثم اعود فاكتشف انه يجري في صحن واشنطن وفي قلب امريكا التي تنشر افلامها ومسلسلاتها العهر والفجر والشذوذ والمخدرات في شباب العالم والتي لاتجد فيها طالب جامعه لا يتابط في ذراعه

‏Girl Freind‏

الي شقته‏..‏ ولكل امريكي شان خاص وحياه خاصه يحرسها الدستور الامريكي ولايحق لفضولي ان يدس انفه فيها‏..‏ ومغامرات الرئيس الراحل كنيدي مع مارلين مونرو والروايات العديده عما جري بين كل رئيس وسكرتيرته‏..‏ حكايات عاديه كانت تمر بسلام ولا تفتح فيها ملفات تحقيق ولا عرائض اتهام‏..‏ والعهد قريب بالرئيس الفرنسي ميتران الذي لم يجد غضاضه في ان يعترف بابنه غير شرعيه يدعوها علي الغداء علنا في افخر مطاعم باريس‏..‏ ويبتسم الفرنسيون اعجابا برئيسهم واخلاقه المتحرره‏..‏ فماذا جري هذه المره في قلعه الفساد والعهر في العالم‏..‏ وما هذه الغضبه المضريه للحيائ والشرع وما هذه الصيحات التي توشك ان تهدد بالجلد والرجم او خلع الرئيس الفاسق من كل مناصبه‏.‏

وهل تنسجم هذه الغضبه الشامله والمبرمجه بمهاره مع الدور الهدام الذي تباشره امريكا في قيادتها الفنيه للعالم وهي تدعو بفنونها واقمارها الفضائيه ورواياتها وقنواتها التليفزيونيه للتفسخ والتحلل من كل شرع ومن كل حياء‏..‏ ومايكا جاكسون البهلول الشاذ جنسيا الذي تصفق له وسائل الاعلام الامريكيه‏..‏ ابلغ مثال‏.‏

اننا امام تناقض غير مفهوم وغضبه للاخلاق من دوله لا خلاق لها‏..‏ دوله تباشر القتل الاهوج للابرياء في غاراتها الجويه علي السودان وافغانستان‏..‏ ثم تلبس الحجاب والنقاب وتغضب للشرع في حكايه مونيكا‏.‏

نفاق عظيم من دوله عظيمه‏..‏ ورئيسها كلينتون حينما يحاصر بالادله ويسمع بخبر التقرير الذي ارسله المحقق كنيث ستار في‏36‏ صندوقا وفي مئات الصفحات الحافله بالصور والتفاصيل والاسرار والفضائح التي اعترفت بها عشيقته‏..‏ يتحول فجاه الي شخصيه الشاب النادم المعترف بالذنب ويلبس مسوح التوبه ويعتذر لحزبه ولزوجته وابنته وللجميله مونيكا التي انتهك عفتها ولام مونيكا ووالد مونيكا وللامه الامريكيه كلها‏..‏ ويطلب المغفره من الله والعون من الكنيسه ويتهدج صوته ويبتلع دموعه وتخرج نبراته منكسره وكانه ضبط يتبول علي نفسه‏..‏ عبقريه جديده‏..‏ نكتشفها في رئيس اكبر دوله‏..‏ وفي كيف يتحول الذئب الي حمل والنسر الكاسر الي حمامه وديعه‏..‏ وقائد اكبر دوله الي طفل‏.‏

ولكن هل ينجيه ثوب الضعف والندم والاستغفار؟‏!!‏

اشك في ذلك‏..‏ وما حدث كان العكس‏..‏ فقد اسقطه ضعفه في عيون حزبه‏..‏ ولم يجدوا فيه رجلهم القوي الذي يمثلهم‏..‏ وتخلي عنه اكثرهم

ولاشك ان الشرك المحكم والفخ الذي نصب له بمهاره‏..‏ والعقول الماكره التي دفعت اليه بولا جونز ومن بعدها مونيكا لونيسكي ثم ليندا تريب لتسجل عليه الساعات الطوال من اشرطه الغزل الجنسي والفحش والهمس‏.‏

كل هذا كان ورائه خطه لاستدراج الرجل الي حتفه‏..‏ وجبهه تريد تنحيته والاتيان بالنائب النشط ال جور الاكثر موالاه للخطط الصهيونيه والرجل الاقوي في مواجهه المواقف‏..‏ فالسنه او السنتان الباقيتان من ولايته هما اخطر سنتين لتحقيق اسرائيل الكبري‏..‏ وربما للاقدام علي المواجهه العسكريه المحفوفه بالاهوال وهو ظرف لن ينفع فيه امثال كلينتون الضعيف المفتون‏.‏

ان الصهيونيه تريد رجلها

ولابد ان يتغير المسرح وتتبدل الوجوه

وما كان اسهل ان تقوم قيامه الاعلام الامريكي فعملاق الصحافه الامريكي هو الصهيوني اليهودي روبرت مردوخ الذي يملك وحده اكبر عشر صحف هذا غير محطات البث التليفزيوني ودور النشر‏.‏

وهكذا انفجرت البالونه المنفوخه بعنايه‏.‏

وكان مانري امامنا من عرض مبرمج ومصنوع وفضيحه منسوجه بمهاره وحرفيه ليلبسها صاحبنا‏..‏ وليلتبس الامر علينا نحن فلا ندري ما الحكايه‏.‏

وسوف يمضي كلينتون الي حال سبيله او يتحول الي بطه عرجائ تنفذ ما يطلب منها دون مناقشه‏..‏ وهو امر مفيد في الحالين‏..‏

او ياتي الفتوه الجديد ال جور ليقود السفينه في الموج المتلاطم الي حيث تريد اسرائيل‏.‏

وهذه هي القرائه المنطقيه الوحيده لهذا العرض غير المنطقي الذي شاهدناه لهذه الغضبه العنتريه لعفه لا وجود لها ولاخلاق عذريه انتهت من اجال ولم يعد لها وجود في القاره الامريكيه ولا في اي بقعه من اوروبا‏.‏

وفي قلب لندن في الامبراطوريه البريطانيه العريقه وفي العائله المالكه ذات التقاليد المحافظه العتيده طلعت الاميره ديانا علي شاشات التليفزيون لتقول في جراه عجيبه امام الملايين‏..‏ لقد خنت زوجي اكثر من مره‏..‏ والزوج المذكور هو الامير شارلز وريث العرش بجلاله قدره‏.‏

وماذا حدث حينذاك؟‏!‏

صفق لها الشعب واعتبرها قديسه‏..‏ ومشي في جنازتها الملايين

وهذا هو عصرنا العجيب الذي نعيشه‏..‏ فاي غرابه فيما فعل كلينتون باتخاذه عشيقه‏..‏ وهو الرجل الحليوه المتربع علي عرش اقوي دوله في العالم‏..‏ دوله تزعمت العالم في اللهو والعهر والفجور‏..‏ وجعلت من اعلامها فراش غرام

وكيف احمر وجه هذا الاعلام فجاه خجلا وراح يتشنج من التقوي والتعفف‏..‏ وكيف تحولت الصحافه الفاجره الي كردينال يحاكم العشاق ويهددهم بالجلد‏.‏

لقد كانت الخطيئه الكبري التي ارتكبها كلينتون هي مسوح التوبه التي لبسها فجاه ووقف حاني الراس يقول بصوت مرتجف كطفل ابتلت ملابسه الداخليه

لقد اخطات وفعلت فعلا غير لائق‏..‏ وانا مذنب ونادم

والحق ان مافعله كان لائقا ومناسبا اشد المناسبه للاخلاق الامريكيه والحضاره الامريكيه التي يمثلها‏..‏ وكان ابن هذه الحضاره بحق فيما فعل‏..‏ وابن هذا العصر الداعر المنحرف

ولو انه قال في رجوله

هذه امور شخصيه تخصني وحدي وليس لاحد ان يخوض فيها‏..‏ حاسبوني علي اداره الحكم وعلي اداره الاقتصاد وعلي علاجي للبطاله فهذا ما اخترتموني من اجله لو قال هذا‏..‏ لكان منطقيا مع نفسه ومع منصبه كرئيس ومع دولته التي لايهمها الا رواج السوق وارتفاع الدولار‏.‏

ولكنه اختار اثاره العطف وتحول الي طفل‏..‏ ففقد كل شيئ واستحق السخريه

ولم نقبل منه بعد ذلك ارساله ارتال الطائرات قاذفات القنابل للاغاره علي افغانستان وضرب مصنع ادويه الشفاء في السودان‏..‏ للتغطيه علي افعاله وكانت هذه التغطيه منه رجوله مفتعله في غير موضعها‏.‏

وسوف يظل السامر الاعلامي ومولد سيدنا كلينتون ومونيكا ماده مسليه للفرجه والسهر ومسلسلا مشتعل الحلقات يتجمع حوله العالم مثل مباريات كره القدم ومسابقات الكاس

وكالعاده في امريكا كل شيئ يتحول الي تجاره وبيزينس وكل مصيبه تتحول الي مكسب حتي سقوط السيد الرئيس‏..‏ والبركه في المخرجين العظام من وراء الاحداث واصحاب المصالح فيما حدث ويحدث

واذا صادفك حدث غير منطقي في بلاد العم سام ولم تستطع ان تفهمه عليك ان تسال من المستفيد ومن الخاسر وما المصلحه ومن هم اصحاب المصلحه

ولماذا في هذه الحكايه التي حكيناها كان كل الابطال يهودا‏:‏ بولا جونز ومونيكا لوينسكي وليندا تريب وباقي سرب الهوانم اللائي القي بهن في طريق كلينتون‏..‏ واعضاء الكونجرس الذين اطبقوا علي رقبته كانوا ايضا من نفس الطائفه‏..‏

ولماذا احتفظت مونيكا ببقايا السائل المنوي في فستانها لسنوات ولم تفكر في غسله ولماذا سارعت لندا تريب الي تسجيل مكالماته

ان ماحدث لم يكن شيئا عفويا ولم يكن عاطفه عابره ولا نزوه‏..‏ وانما كان فخا منصوبا بمهاره

واليهود والصهاينه هم اصحاب المصلحه في ان يمضي كلينتون لحال سبيله وياتي رجلهم ال جور لان السلام العربي الاسرائيلي استنفد اغراضه ووصل الي نقطه تحول‏..‏ وكلينتون لم يعد رجل هذا التحول‏.‏

وما تبقي من قضايا مع العرب لن يوخذ بالسلام بل بالحرب‏..‏

وهذا الانتقال من الابيض الي الاسود دفعه واحده سوف يحتاج الي رجل اخر والي لغه اخري وظروف اخري ومبررات اخري‏.‏

وما نراه الان هو بعض هذا التحول

وسوف تتغير غدا اشياء كثيره

فهل يدرك اصحابنا العرب المتغيرات الجديده

وهل ستكون عندهم المرونه الكافيه ليغيروا من انفسهم ومن مواقفهم ومن الثوابت التي دابوا علي ترديدها مثل‏..‏ السلام حل وحيد‏..‏ والسلام الي الابد‏..‏ والسلام قرار استراتيجي‏..‏ واغاني مدريد‏..‏ وشعارات اوسلو‏..‏ واحلام كوبنهاجن‏..‏ وتسابيح كامب ديفيد‏..‏ الي اخر موال النوم في العسل‏.‏

والي متي ذلك النوم

وماذا لو فاجاهم العدوان

وماذا لو اعلنت عليهم الحرب

وماذا لو اقتحمت الدبابات حدودهم

هل فكروا في هذا الاحتمال‏..//!!‏

واقول‏..‏ بل هو الان اكثر من احتمال‏..‏ وبعد هذه المقدمات لعزل الرئيس او تكتيفه اصبح هذا الاحتمال حقيقه

فهل سال العرب انفسهم‏..‏ لماذا تكدس اسرائيل السلاح في ترساناتها‏..‏ ولماذا تعقد الاحلاف العسكريه مع تركيا؟؟‏!!‏

وهل تراها تكدس السلاح ليصدا في مخازنه؟‏!!‏

وهل تنفق الملايين بل المليارات هباء علي اسلحه كيماويه ونوويه وطائرات ودبابات وصواريخ لاتفكر في استعمالها

وهل يسمع العرب دوي انفجارات القنابل الاسرائيليه في جبال لبنان كل يوم

وهل يذكرون كلام الله في قرانه عن الحرب مع اسرائيل

وهل يقول ربنا في قرانه الا الحق

هي مجرد كلمات للتذكره‏..‏ ولاعمال الفكر‏..‏ ولاعاده النظر‏..‏ حتي لانفاجا بما لم يكن علي البال‏.‏

وحتي لايقول رجال الاستراتيجيه عندنا‏..‏ هذا امر لم يكن في الحسبان

وسوال اخر في حكايه مونيكا وكلينتون يلح علي ذهني

الم يخطر علي بال هذا الرجل المفتون الذي يتربع علي عرش اكبر واقوي دوله في العالم احتمال واحد في المائه ان تكون هذه العاشقه المتيمه التي القت بنفسها في طريقه وارتمت في احضانه يمكن ان تكون جاسوسه تستعمله وتمثل علي وتسجل عليه مكالماته وهمساته

وهل انطمس عقله وضاعت فطانته لاول قبله

وكيف يعتذر لها بعد كل ما انكشف له من لعبها بعقله وما حدث من فضحها له واحتفاظها بعينه من سائله المنوي لتشهد بها عليه‏..‏ كيف يعتذر لها ويطلب منها الصفح والمغفره‏..‏ وعن ماذا‏..‏ ومن الجاني ومن المجني عليه في الحكايه كلها؟

وكيف يمكن ان يوتمن مثل هذا الرجل علي المنصب الخطير الذي يشغله؟

يغلب علي ظني انه انتهي فعلا‏..‏ وانه ذهب‏..‏ وان ال جور قادم‏..‏ وان الصهاينه قد حبكوا خطتهم وقرطسوا الراجل‏..‏ واننا سائرون بسرعه الي ذروه موكده‏.‏

» الروايه العجيبه بقلم : د‏.‏ مصطفي محمود
» تحديث الصفحة ليلي الطرابلسي .. الكوافيرة التي حكمت تونس من وراء الستار فكتبت نهاية حاكمها
» مصطفي يونس يبكي على الهواء ويؤكد: المايسترو لم يستفد من الأهلي و هناك من تربحوا الملايين..!
» محمود السعدني
» محمود مختار