تيوليب •° نائبه المدير °•
عدد مساهماتى |♥ : 4846 تاريخ ميلادى |♥ : 27/11/1965 تاريخ تسجيلى |♥ : 09/01/2011 موقعى |♥ : www.elfagr.ahlamontada.net/
| موضوع: فراق الأحباب جحود أم نمو ؟ الخميس أبريل 28, 2011 5:27 pm | |
|
الواقعية هي منتهي القسوة لأن معناها مواجهة الحقيقة مجردة ومعظم الحقائق مرة المذاق ، ما نفعله لابتلاع الحقائق هو تغليفها بالعاطفة الجياشة ورش بعض الأساطير عليها ليسهل بلعها ، وهذا ما نفعله عادة عند فراق الأحباب .
عندما يرتبط الابن الحبيب بزوجة تصبح حبيبته ومحور حياته الجديدة يصعب فراقه علي أمه التي ارتبطت به واعتبرته جزءا منها فكيف تأتي من تنازعها مكانتها ؟ تبكي الأم وتذرف دموع الفراق ويحاول هو بكل وسيلة طمأنتها أن مكانتها لن تهتز و أن كل ما حدث أنه كبر ويحتاج لممارسة دور جديد في حياته ، دور الزوج ورب الأسرة والأب تماما كما فعل أبيه من قبل ، الأم العاقلة تتحكم في عاطفتها وتغلب مصلحة ابنها علي ارتباطها به و ترضي بالوضع الجديد ، لقد انتقل من أحضانها إلي عروسه وهذه سنة الحياة .
أحيانا لا تستطيع الأم مغالبة عاطفتها فتفتعل المشاكل وتتهم الابن بالجحود والنكران ، وإذا لم يتمتع الابن بالحكمة الكافية و القدرة علي التوازن بين الأم والزوجة اختل الميزان غالبا لصالح الزوجة خاصة إذا كانت عصبية وغير متفهمة وتدريجيا تزداد الأمور سوءا وقد تتحول بالفعل إلي جحود ونكران وعقوق أيضا .
نفس الكلام تقريبا يحدث في الكثير من العلاقات بين الأصدقاء مثلا ، الصديق الذي كان دائم الزيارة والسؤال عن صديقه الذي يحتاجه لظروف خاصة ، تتراكم مشكلات الصديق المحسن ويتقدم به العمر وتزيد المسئولية وتقل بالتالي قدرته علي التواصل والعطاء ، فيفسرها الآخر أنه كبر ونكران ، ومع محاولة المحسن تقديم الاعتذار وتكرار الموقف ينقطع حبل الصداقة ، ويشعر الأول بالمرارة ويشكو للناس من جحود صديقه .
شخصيا قابلت هذا وذاك ، قابلت الصديقة التي مهما انشغلت وقصرت قدرت ظروفي دون أن تكلفني مشقة الاعتذار ورأيت في تهلل وجهها الراضي دائما ما يجعلني أندم علي تأخري عليها لأنني أنا من خسرت تلك الواحة الهانئة التي تشعرني أن الدنيا بخير ، وقابلت من تلومني بلسانها قيراطا وتدخر في قلبها 24 قيراط من التأنيب والاتهام لأقل هفوة و أدني تقصير لأنني مثلا اكتفيت بالاتصال التليفوني ولم أزرها حين أصيبت بنزلة برد ، في الحقيقة حاولت وضع تلك العلاقة كثيرا في غرفة الإنعاش المليئة بالصبر والتحمل ولكنها لفظت أنفاسها تحت وطأة عقلية الاستحقاق .
إذا كان لك حبيب تود الحفاظ عليه أحسن الظن به ولا تثقل عليه و تسارع برفع الكارت الأحمر المكتوب عليه جحود ـ تقصير ـ تكبر ـ وو إلي آخر القائمة ،فأنت بذلك تسارع في القضاء علي العلاقة وتحويل الفراق المؤقت إلي دائم .
فالحياة تموج بمشاغلها ومشاكلها وقد لا تعرف أنت ما يخبئه عنك ذلك الحبيب المخلص من متاعب خاصة ينوء بحملها وحده في صمت ، وإذا كان مقصرا بالفعل أين التماس العذر ( التمس لأخيك سبعين عذرا ) ، قال الشاعر لزوجته اللائمة دوما :
خذي العفو مني تستديمي مودتي
خذي مني ما أمنحك إياه عن طيب خاطر فتدوم المودة بيننا ولتكن هناك فترات فراق محسوب يتيح للطرفين فرصة للنمو الشخصي ويجدد المشاعر التي ينهكها الاقتراب الشديد والاستنزاف الدائم .
أما العتاب واللوم والتأنيب فهي معاول هدم لأي علاقة حب ، نحن دائما في حالة نمو وتغير واختلاف فالقاعدة الثابتة الوحيدة في الحياة هي عدم الثبات ، لأن الثبات جمود وضد حركة الخصوبة وتيار الحياة ، وأثناء هذا التغير سوف يختلف شكل العطاء في الحب ومقدار الوقت المتاح ولكن لا بأس بذلك أبدا فالمهم هو عمق العلاقة وليس مدتها .
أجمل ما يمنحه المحب لحبيبه هو ما كان بدافع ذاتي قوي وليس خوفا من بطش وتهديد الآخر له ، ما أجمل دعوة العشاء من زوج يتمني الاستمتاع بصحبة زوجته ويشعر تجاهها بالحنين لتعززها ومسافة احترام الخصوصية التي تتركها بينهما ، أما الخروج للنزهة بالإجبار والشجار والدموع وفتح القديم والجديد فلا أدري هل هي نزهة أم اختطاف
؟
| |
|